الزملاء والأصدقاء والشركاء الأعزاء،

نودّع السنة الرابعة من المحن والأزمات التي يواجهها لبنان حيث حاولت ولا تزال مؤسستنا – معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي – التغلب على تحديات جمّة أنتجتها هذه الأزمات وأرخت بثقلها على عملها.

لقد أدّى التضخم المتسارع إلى تآكل موازنة المعهد ورواتب العاملين لديه، مما دفع بعض الزملاء إلى مغادرتنا. كما تؤثر الأزمات المصرفية والمالية على كل جانب من جوانب عملنا، مما صعّب علينا وعلى غيرنا من العاملين في الادارات والمؤسسات العامة الالتحاق بمكان العمل بشكل يومي، وتشغيل أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وحماية البيانات، وتوفير الخدمات العامة للمواطنين الذي ازداد الطلب عليها بنسبة 30% مع ارتفاع معدلات الفقر، كما ورد في الاستطلاع الذي أجريناه. كما تفاقمت أوجه عدم المساواة مع احتدام الأزمة وارتفعت كلفة المعيشة بشكل غير مسبوق مع توقعات سلبية للنمو الاقتصادي (أشارت تقديرات البنك الدولي إلى نمو سلبي  -6٪ بعد -10.5٪ في عام 2021 و -21.4٪ في عام 2020).

في خضم هذه الأزمات التي عصفت بوطننا، قدّم معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي حلولاً حقيقية للدفع قدماً بمسار إصلاح الشراء العام، وشفافية الموازنة، وبناء القدرات على المستويين المركزي والمحلي. لقد قمنا بتدريب أكثر من 2000 موظف على قانون الشراء الجديد، ونظمنا اختبارات لـ 1700 منهم، وزرنا 242 بلدية، وأنتجنا 9 موجز سياسات عامة ونظمنا 14 لقاءات حوارية حول مواضيع سياساتية.

لقد قمنا بواجبنا دائماً على الرغم من المصاعب الطويلة الأمد، والتشكيك العميق بدورنا ورسالتنا، وعلى الرغم من ندرة الموارد المتاحة والدعم الخجول الذي تلقيناه خلال هذه الفترة.

لم يكن صمودنا ممكناً دون التزام  فريق استثنائي من العاملين في المعهد والخبراء والمدربين الذين يفخرون بخدمة المصلحة العامة. كلمة شكر وامتنان مستحقة موجّهة لهم مع نهاية عام 2022 ، العام المضطرب.

يشكّل “المعهد” دليلاً حيّاً على أنّ الخدمة العامة لا بديل عنها لتحقيق التنمية المستدامة والحكم الصالح والفعّال.

ولكن، في العام الـ 27 من مسيرته المزدهرة، يواجه “المعهد” تهديدات وجودية. نحن مصممون على مواصلة مهمتنا، وملتزمون بتأدية دورنا بكل فعالية لنبقى على جهوزية عندما يعود زخم الانتعاش وتنطلق الإصلاحات، وملتزمون بالمساهمة من خلال خبرتنا في إدارة المال العام والإصلاح المؤسسي وبناء القدرات وشبكاتنا المعرفية وشركائنا وذاكرتنا المؤسسية. ولكن كي نحقق هذه الالتزامات ونؤدي هذا الدور الوطني، نحن بحاجة إلى الدعم الفني والمالي، الآن أكثر من أي وقت مضى.

أمام لبنان مسار طويل وجهود كبيرة لمواجهة تحديات انهيار المالية العامة، وتفاقم الحاجة إلى خدمات الدولة ومؤسساتها، وفقدان الثقة، والأزمات المستمرة. نحن على يقين أنّ جزءاً كبيراً من الحلول هو رهن أداء مؤسسات تتمتع بالثقة وقادرة على الاستباق والاستجابة السريعة مثل معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، وأداء موظفي القطاع العام الملتزمين والمتمتعين بالخبرة والمهارة، رجالاً ونساءً.

في عام 2023، نتطلّع إلى تكاتفكم معنا لإبقاء مؤسسات الدولة تنبض بالحياة.

مع أطيب التمنيات.
رئيس وفريق عمل معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي